ان اول نشاط للطفل هو الرضعة, ومن ثم فان حركاته ومناعاته, وتفاعله مع والدته ومداعبتها او مع اخوته, انما هو شكل بدائي للعب, ويتطور هذا النشاط مع نموه الذهني والعمري, فيصبح اللعب اكثر وضوحا وتعبيرا عن رغبة الطفل, وما عبثه باشياء البيت الا تعبيرا عن هذه الرغبة التي تتطور بحيث تلزم الام ان تبدأ بتوفير الالعاب المناسبة لعمره بدءا باللعبة المطاطية الصافرة, وحتى الالعاب الكهربائية فيما بعد.
وحسب نظرية التطور الاجتماعي, ونظرية ان الانسان مدني بطبعه فان الطفل حينما يدخل مرحلة الادراك والتمييز, يصبح بحاجة ملحة الى من يشاركه اللعب ويبادله نشوة الاستمتاع به. وليس صحيحا ما تقوله ام ما انها اغرقت طفلها بالالعاب وتركته وحده لممارسة هوايته بها, ففي هذه الحالة سيمل الطفل, خصوصا اذا كانت الالعاب من نفس النمط, وحتى لو تنوعت قليلا فانه ولعامل التكرار سيمل منها, ولكن علماء نفس الطفل يقولون بانه اذا تشارك الطفل مع طفل او اطفال اخرين في ممارسة هذه الالعاب فانه وشريكه او شركاؤه في اللعب سيستمتعون اكثر, ولن يملوا من الالعاب حتى لو تكررت او تشابهت, لان روح الجماعة اكثر تشويقا من الروح الفردية.
بماذا يمتاز اللعب الجماعي عن الفردي؟
اللعب الجماعي يوفر للطفل متعة افضل, ويكون لديه روح المنافسة والمهارة شعورا منه انه افضل من شريكه في اللعب.
يوفر اللعب الجماعي للطفل بداية لفن التواصل والاتصال مع الغير وهذا بحد ذاته يعتبر بداية لنشاطه الاجتماعي مع الغير.
اللعب الجماعي يجنب الطفل الوقوع في براثن الملل, فيصبح مع شريكه في اللعب اكثر حبا واستمتاعا بالالعاب التي بين يديه.
يوفر اللعب الجماعي للاطفال اكتساب وتبادل المهارات, فيمكن ان تكون لكل طفل طريقته الخاصة في التعامل مع الالعاب, وهنا تتوفر فرصة تبادل وتناقل المهارات بين الاطفال المشتركين باللعب.
يؤسس اللعب الجماعي للاطفال بداية لروح الفريق, ففي حالة بناء هرم من المكعبات مثلا او منزلا من المكعبات اللاصقة, فان كلا الطفلين او مجموعة الاطفال سيشعرون بأنهم مكملون لبعضهم في انجاز هذا الهرم او ذاك المنزل, ويتكون لديهم وينمو شعور التعاون.
ويوفر اللعب الجماعي مناخا لبناء الصداقات الصغيرة والبريئة فيما بين الاطفال, مما يتيح لهم بداية حميدة لبناء الصداقات مستقبلا اثناء شبابهم ورجولتهم.
ومن حيث الجانب الذهني فان اللعب الجماعي ينشط الملكة الذهنية والعقلية ويوفر بداية للابداع والتفكير واستعمال القدرة العقلية بشكل منطقي افضل من ممارسة اللعب الفردي, كما ان اللعب يعتبر من الرياضات العقلية الضرورية للطفل حتى يشغل وينشط منظومة الاعصاب في خلايا الدماغ.
ان الاطفال, واضافة الى سد حاجاتهم الاساسية كالطعام والشراب واللباس والامان, بحاجة, بل هم بفطرتهم ميالون للعب, وعلينا ان لا نمنع هذه الحاجة وان لا نكبت تلك الفطرة التي خلقوا بها, وان اللعب الجماعي ليس مقصورا على الاطفال البشر, فلننظر الى صغار الحيوان كيف تمارس اللعب الجماعي, فهل نستكثره على الاطفال؟
ولكن: يجب ان تنظم الام او الاب اوقات اللعب لاطفالهم بحيث لا تتعارض مع الواجبات المدرسية, فعالم اليوم يعج بالعاب الفيديو, والاتاري, وغيرها الكثير من الالعاب الاكترونية. لذا على الاهل ان يخصصوا ويقننوا اوقات اللعب بحيث لا تطغى على حياة الاطفال فتلهيهم حتى عن طعامهم والاهتمام بانفسهم نظرا للتشويق الذي تحتويه الالعاب الحديثة, وكذلك بالتحاور مع الطفل حول اهمية التعلم والمدرسة كأولوية كذلك الصحة واللعب, فانه بالتحاور المقنع سيستوعب هذه الاولويات وسيستجيب للنظام الذي تحدده له امه او ابوه, فيصبح فيما بعد منطقيا, وحسن الادراك والتميز لهذه الاولويات.. وبهذا يستقيم نموه العقلي والعاطفي ويصبح اكثر انسجاما مع نفسه والاخرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق